مهزلة التصنيف تنزع سحر برشلونة وتطيح بأتلتيكو في كأس المونديال
شهدت النسخة الجديدة من كأس العالم للأندية 2025 صدمة مدوية لمتابعي كرة القدم العالمية بإقصاء أتلتيكو مدريد مبكرًا من دور المجموعات رغم تقدمه على حساب بوتافوجو بهدف مقابل صفر في الجولة الثالثة مساء الاثنين 23 يونيو 2025، إلا أن تفصيلاً واحداً فرقً بينه وبين الوصول إلى ثمن النهائي. فالفريق الإسباني أنهى مبارياته في المجموعة الثانية برصيد ست نقاط متساويًا مع باريس سان جيرمان وبوتافوجو، ولكن فارق الأهداف الحرَمْه بطاقة التأهل بفارق هدف وحيد.
لم تمر مشاركة «الروخبلانكوس» بهدوء، إذ كان يُتوقع أن يكون الصوت الأبرز إلى جانب باريس سان جيرمان في المجموعة التي ضَمَّت أيضًا سياتل ساوندرز الأمريكي، لكن إخفاقه في ترجمة الفرص إلى أكثر من هدف في مواجهة بوتافوجو كشف هشاشة الخطوط الأمامية وتراجع القدرة على الحسم تحت الضغط. ولم يختلف الحال في اللقيات السابقة أمام سان جيرمان وسياتل، إذ ظهرت ثغرات تكتيكية سُخرت منها الصحافة الإسبانية والعالمية على حد سواء.
يتفق كثيرون على أن نظام التصنيف التراكمي الذي حَسَّم هوية المرشحين للمشاركة بعددٍ مفتوح من الفرق لأول مرة في تاريخ البطولة كان جائرًا تجاه برشلونة، الذي قدم موسمًا استثنائيًا بقيادة المدرب الألماني هانزي فليك. فقد تُوج النادي الكاتالوني بثلاثية محلية (الدوري الإسباني، كأس الملك، وكأس السوبر) ووصل إلى الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا، مما جعله الأجدر بتمثيل كرة القدم الأوروبية في مونديال الأندية.
غير أن معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم الخاصة بالتصنيف تعتمد أساسًا على نتائج الفرق في المسابقات القارية خلال السنوات الماضية، وهي الفترة التي عانى فيها «بلوغرانا» من أزمات فنية وإدارية أفلتت منه بطولات في دوري أبطال أوروبا ومسابقات محلية تحت قيادة تشافي هيرنانديز. تلك المعاناة أثرت سلبًا على رصيده التراكمي وصالح أتلتيكو مدريد على حسابه، رغم الأداء الحالي المذهل الذي قدمه برشلونة فليك في الموسم المنصرم.
سخرية القدر جاءت على لسان سيموني إنزاجي، المدير الفني الحالي لنادي الهلال السعودي، الذي قال بحسرة لا تخلو من طرافة «كل عناصر المتعة موجودة في المونديال… ينقصنا فقط برشلونة!» لتعكس مدى الإحساس بغياب الفريق الكاتالوني عن محفل استثنائي يُفترض أن يجمع أفضل الأندية من مختلف القارات.
أما أتلتيكو مدريد فقد أضحت مشاركته في مونديال الأندية 2025 مؤشرًا جديدًا على مشاكله المتراكمة منذ النصف الثاني من الموسم الماضي. إذ خسر جميع الألقاب المحلية والقارية (الدوري الإسباني، كأس الملك، ودوري أبطال أوروبا)، وظهر واضحًا تأثير رهان الإدارة على خيارات انتقالات لم ترتقِ لطموحات مدربه دييجو سيميوني ولا لمعان الجمهور الذي اعتاد على التنافس على الألقاب الكبرى.
في اللقاء الأخير ضد بوتافوجو، اضطر سيميوني إلى الدفع بجوليانو سيميوني وكونور جالاغير في أدوار طرفية رغم أن الأخير لاعب وسط بطبعه، واستخدم ماركوس يورينتي في مركز الظهير الأيمن تحسبًا لنقص الخيارات الدفاعية. مثل هذه الحلول المؤقتة لا تغطي فراغات واضحة يحتاج إلى علاج جذري قبل انطلاق الموسم الجديد 2025-2026.
ويبقى السؤال الأبرز: هل ستسارع إدارة أتلتيكو مدريد إلى اتخاذ قرارات حاسمة في سوق الانتقالات الصيفية لتفادي كارثة جديدة؟ أو هل سيستفيد برشلونة من فرصة احتياطه الفني والمالي ليعود أقوى في التصنيف التراكمي ويضمن مكانه بين كبار العالم؟
بالتأكيد لن يُنسى موسم هانزي فليك التاريخي مع برشلونة الذي لم يمنعه التصنيف من الغياب عن الملاعب الأميركية، ولكن حكاية «العدل المتأخر» في تصنيف الأندية ستظل عنوانًا رئيسيًا في تحليل مشاركة أوروبا في كأس العالم للأندية 2025. فبينما ظلم التصنيف فريقًا أمتع الجماهير وأدهش العالم بعروضه، نجح الآخر في بلوغ المحفل رغم تراجع نتائجه، تاركًا تساؤلات تطل بظلالها على مصداقية المعايير المستقبلية لهذه البطولة المرموقة.
