أوكلاند سيتي يتقاضى ثروة أسطورية ويصدم عمالقة الكرة بعد التعادل مع بوكا جونيورز
في واحدة من أبرز مفاجآت نسخة كأس العالم للأندية 2025 نجح فريق أوكلاند سيتي النيوزيلندي في خطف تعادل ثمين أمام بطل أمريكا الجنوبية بوكا جونيورز بهدف لمثله ليرسم لوحة مثيرة تبرز الفجوة الشاسعة بين حجم الموارد المالية والطموحات على أرض الملعب
على أرض ملعب الرديف في نيوجيرسي تمكن لاعبو أوكلاند من فرض إيقاعهم منذ صافرة البداية بفضل التنظيم الدفاعي الدقيق والضغط العالي على حامل الكرة لينجح المدافع بسام رضوان في افتتاح التسجيل بعد هجمة مرتدة سريعة قابلها برأسية متقنة في الدقيقة 37 من عمر اللقاء لتتفاجأ جماهير بوكا التي لم تتوقع أن يخرج أصحاب الأرض بهذا الأداء الجارف
تألق حارس أوكلاند سيتي الأساسي جاك مولدون كان عامل الحسم في حرمان بوكا جونيورز من الوصول لهدف ثانٍ إذ وقف سدًّا منيعًا أمام تسديدات متعددة للاعبي الطرف الأيمن والأوسط ليتحول التعثر إلى فرصة غير مسبوقة لكل فرد في التشكيلة كي يكتب اسمه بماء الذهب
قُدّرت جائزة التعادل التي يعتمد عليها نظام البطولة الجديد بنحو 930 ألف يورو ما يعادل مليون دولار أميركي لتتحوّل من مجرد رقم إلى مصدر دخل قياسي يتفوق على أي عائد مادي حصل عليه النادي على مدار أكثر من عقد من الزمان وتشكل هذه المنحة المالية دفعة هائلة تفوق بآلاف المرات الموازنة العامة للفريق الموسمية
في إحصائية صادمة كشفتها إذاعة دي سبورتس المحلية أنّ متوسط راتب لاعب أوكلاند سيتي لا يتعدى 84 يورو أسبوعيًا إذ يعمل أغلب اللاعبين بوظائف إضافية لتغطية تكاليف المعيشة والدورات التدريبية فبعضهم ينظف أحواض السباحة والفيلات الفاخرة في ضواحي أوكلاند كما أكد سيباستيان سيجاندا حارس الاحتياط بعد الاحتفال المؤثر حين قال لقد قدمت طلب إجازة من عملي التجاري في نيوزيلندا وإلا لجأت إلى الاستقالة لأنني أرفض تخطي مواعيد عمل ضرورية رغم حلمي بحمل ألوان فريقي في المحافل العالمية
لا يتوقف التناقض عند حجم المكافأة بل يمتد إلى البنية التحتية للنادي إذ يملك ملعب الاتحاد في أوكلاند طاقة استيعابية لا تتجاوز خمسة آلاف متفرج مقابل ستين ألفًا في قلعة لا بومبونيرا التابعة لبوكا جونيورز ما يسلط الضوء على قدرة النجوم الجدد على تحقيق نتائج تتحدى المنطق الاقتصادي
تاريخيًا لم يتجاوز أوكلاند سيتي حدود القارة الأوقيانوسية في البطولات القارية لكنه غيّر قواعد اللعبة هذا الصيف بفضل الطموح الجماعي لرياضيين يعملون نهارًا في وظائف ماداموا طامحين لنبض المدرجات العالمية ليصبحون قصة يُحتذى بها حول التضحية والإصرار حتى وإن كانت الأموال قليلة والأحلام كبيرة
من جانب آخر عبّر مدرب بوكا جونيورز غوستافو سييرا عن دهشته قائلاً لم أتخيل إطلاقًا أننا سنواجه فريقًا بهذه الروح الهجومية والانضباط التكتيكي جماعيًا فقد صنعوا لنا صعوبات لا نميل لذكرها أمام الصحافة لتظل سذاجتنا غطاءً لكل ما فات من أخطاء رغم تفوقنا العددي والمعنوي
يعكس التعادل المالي والفني بين الفريقين نموذجًا حيًا لكرة القدم التي لا تُقاس بملاءة الجيوب بل بجسارة الأفكار الشخصية وروح التضحية في اللحظات الحرجة وعند اللمسة الحاسمة داخل منطقة الجزاء حيث تطلب الأمر مجهودًا استثنائيًا من أوكلاند لاحتواء انفجارات بوكا التي لم تتوقف حتى صافرة النهاية
في أعقاب المباراة تصدر اسم أوكلاند سيتي محركات البحث وعناوين الصحف الرياضية العالمية لما أصدره النادي من بيانات رسمية أوضح فيها أن مبلغ 930 ألف يورو سيُوزع بالتساوي بين اللاعبين وطاقم العمل الإداري والفني إضافة إلى دعم بعض مبادرات تطوير أكاديمية الشباب وتسديد ديون بسيطة تعاقدوا عليها في موسم انتقالات 2023
هذا الحدث قد يشكل نقطة تحول لكل الأندية الصغيرة التي تسعى للاستثمار في تنمية مواهب محلية بدل الانكفاء على استقدام لاعبين أعلى تكلفة إذ برهن أوكلاند سيتي أن التخطيط السليم والتصميم على المنافسة يولدان معجزات كروية تُسجل في سجلات التاريخ على بلدان وملاعب كلها دون أن تكون ثمارها خاضعة لوفرة الإمكانيات أو لقوة العلامات التجارية
اليوم باتت الأنظار متجهة إلى المواجهة المقبلة للفريق النيوزيلندي الذي سيستعيد خدمات نجمه صانع الألعاب كيفن ويلسون بعد تعافيه من إصابة طفيفة وستكون الفرصة سانحة مجددًا لرفع سقف التوقعات الجماهيرية وتعزيز إرث أسود المحيط الهادئ في المونديال المصغر والذي أثبت أن كرة القدم قادرة على قلب الميزان مهما علت كلفة المداخلات المالية وأصبح السؤال الملحّ هل سيواصل أوكلاند سيتي رحلته الملحمية نحو مزيد من الانتصارات أم سيعود للواقعية الاقتصادية بعد تلقي دفعة مالية استثنائية سيحتاج جزءًا منها إلى بناء فريق قادر على المجابهة؟
